الشهيد المجاهد/ عبد الله سعيد العماوي "أبو السعيد" أنقذ حياة المصابين.. وارتقى مع الشهداء إلى عليين
القسام - خاص: لحظة استشهاده رأته والدته في منامها وهو يلبس الزي العسكري وبكامل عتاده وسلاحه، وكان يرتدي قبعة بيضاء فوق رأسه، وخلال هذه اللحظات كان يقوم بوداع والدته، وخلال إصابته كان في سيارة الإسعاف يرفع أصبع السبابة ويردد بصوت عال قوله:" أشهد أن لا إله إلا الله.. وأن محمد رسول الله".. وبينما كان في ثلاجة الموتى أخذ والده يحاول تقبيل يده فأنزل عبد الله يده وهو ميت رافضا أن يقبل والده يده.. احتراما وتقديرا له.
المولد والنشأة
في العشرين من شهر يوليو من العام 1987م في حي الشجاعية شرق مدينة غزة ولد فارسنا المجاهد عبد الله سعيد صالح العماوي لعائلة هجرها العدو الصهيوني من بلدتها الأصلية "بئر السبع" في العام 1948م. عاش شهيدنا بصحبة عائلته وسط وضع اقتصادي متوسط، غير أنها كانت ملتزمة دينيا وأخلاقيا، وكانت تربطه بوالديه علاقة مميزة، ويقول والده عن هذه العلاقة:" كانت علاقته بنا وبي شخصيا ممتازة جدا، كما أنها كانت كعلاقة صديق بصديقه، يتخللها الحب والاحترام المتبادل، ولا أذكر أنه أغضبني بشدة، كما أنه كان حريصا على أن يحث إخوانه على الالتزام بالصلاة والالتزام بنهج المساجد". أما على صعيد علاقته بجيرانه وأبناء جيله، فقد كانت علاقة جيدة ملؤها الحب والاحترام وكان يتميز عن أبناء جيله بأنه كان ضحوكا وملتزما في المسجد أكثر من المحيطين به. دراسة وتفوق تلقى شهيدنا دراسته الابتدائية في مدرسة هاشم الابتدائية وكان ذلك في العام 1993 وكان زملاؤه في المدرسة يلقبوه بـ"أبو سرور" وذلك لسواد بشرته، وواصل مسيرته التعليمية، فدرس المرحلة الإعدادية في مدرسة هاشم الإعدادية وكان ذلك في العام 1999م وكانت علاقته خلال هذه المرحلة جيدة مع زملائه ومدرسيه. وقد تلقى شهيدنا عبد الله دراسته الثانوية في مدرسة جمال عبد الناصر الثانوية وكان ذلك في العام 2002م، وخلال هذه المرحلة الهامة من دراسته استطاع بأخلاقه أن يؤثر في العديد من أفراد وطلاب مدرسته وخاصة خلال الثانوية العامة وكان سببا في استقطابهم إلى المسجد. وبعد نيله شهادة الثانوية العامة، التحق شهيدنا "أبو السعيد" بالجامعة الإسلامية في غزة وتخرج في العام 2006م من كلية التمريض فيها، حيث حصل على "دبلوم في التمريض" من الجامعة ومارس المهنة بعد تخرجه.
كان شهيدنا يحب الألعاب الرياضية وبخاصة رياضات السباحة وكرة القدم، وكان يغضب جدا من لعب بعض الشباب في السلاح خشية أن تفلت بعض الأمور منه ويصيب من يلعب به.
بايع حماس خلال مراحل حياته المختلفة تأثر شهيدنا بالعديد من الشخصيات والقيادات الفلسطينية التي كان لها دور بارز في تغيير محطات حياته نحو الأفضل، حيث كان من هؤلاء: الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، الشهيد الدكتور إبراهيم المقادمة، والشهيد سعيد صيام ومن قبلهم الشيخ الشهيد أحمد ياسين، والشهيد وزير العدل الدكتور أحمد ذياب شويدح.
وخلال سنوات دراسته المختلفة وبخاصة المرحلتين الثانوية والجامعية انتمى شهيدنا إلى صفوف الكتلة الإسلامية الإطار الطلابي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" وكان من النشطاء في صفوفها.
وخلال هذه الأوقات كان شهيدنا "أبو السعيد" من الملتزمين في مسجد ابن عثمان، وكانت علاقته بإخوانه علاقة أخوة ومحبة صادقة في الله. وبالنسبة إلى نشاطه، فهو يعتبر أحد أركان المسجد التي يقوم عليها، فكانت له مشاركة فاعلة في جميع أنشطة المسجد من لجان ثقافية واجتماعية، إلى جانب مشاركته في حلقات تحفيظ القرآن الكريم والتجهيز للمخيمات الصيفية في المسجد، وكان مسئولا عن طلبة المرحلة الثانوية في مسجده.وقد عين لفترات متعددة أميرا للمسجد الذي خرج عشرات الشهداء رغم صغر سنه ولكن أخوانه وجدوا فيه القدرة والكفاءة وقد برع شهيدنا المجاهد في الخطابة فقد كان يلقي العبر والمواعظ في مسجده وقد نال قبل استشهاده بفترة قصيرة شهادة تعيين رسمية كخطيب من وزارة الاوقاف.
ولنشاطه الشديد، فقد انتمى شهيدنا إلى حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في العام 2003م واستمر على ذلك الى أن بايع الحركة وجماعة الإخوان المسلمين وكان برتبة "أخ" فيها، حيث كان يشارك في معظم الأنشطة الدعوية والفعاليات التي تنظمها الحركة الإسلامية في منطقته أو في غزة بشكل عام.
ومن خلال التزامه كان شهيدنا من المداومين على صيام يومي الاثنين والخميس ويحب الإفطارات الجماعية، كما كان حريصا على أداء الصلاة في أوقاتها دون تأخير.
مواقف وأحداث
تعرض شهيدنا للعديد من المواقف المفرحة كما تعرض لمواقف أخرى صعبة في حياته، ومن المواقف المفرحة أنه طلب من والده خلال مرحلة التوجيهي الموافقة على قيامه بتنفيذ عملية استشهادية، فقال له والده:" خذني معك"، ومن ثم قال له:" يجب أن تنتهي من التوجيهي أولا ومن ثم أوافق على طلبك"، وعند إنهائه لمرحلة التوجيهي ذكر والده بهذا الوعد، فقال له والده:" انتهي من الجامعة ومن ثم أوافق على طلبك"، وعند إنهائه دراسته الجامعية قال لوالده:" أوف بوعدك"، فقال له والده:" أعتقتك لوجه الله"، فكان هذا من أكثر المواقف المفرحة في حياة شهيدنا.
أما أصعب موقف تعرض له فهو استشهاد شقيقه محمد نتيجة منعه من السفر للعلاج وذلك بتاريخ 27-5-2008م، هذا إلى جانب تأثره الشديد باستشهاد عدد من أصدقائه، ومنهم: عدنان سبيته وخضر بدوي الحصري وابن خالته رواد السويركي وخالد العجلة. مجاهد وشهيد الواجب الديني والوطني والأخلاقي دفعه للانضمام إلى كتائب عز الدين القسام، وكان ذلك في العام 2005م وذلك بعد إلحاح وطلب شديد من قبله، وتلقى بعد انضمامه للقسام دورتين عسكريتين، وتلقى دورة في تعلم السباحة ودورة في سلاح الإشارة، بالإضافة إلى دورة في الإسعافات الأولية. وخلال مسيرته الجهادية كانت علاقته بإخوانه المجاهدين، علاقة طيبة يتخللها المزاح بكثرة وكان حريصا على المشاركة في المهمات الجهادية المختلفة التي يتم تكليفه بها من قيادته في القسام. وعلى مدار حياته الجهادية، شارك شهيدنا عبد الله في التصدي لقوات العدو الصهيوني في العديد من الاجتياحات والتوغلات في منطقته، كما شارك في الحسم العسكري في العام 2007م ضد الانقلابيين من حركة "فتح" في قطاع غزة.
لقد كان نعم المجاهد، فهو مندوب سريته في اللجنة الطبية، وإلى جانب ذلك فقد تخصص في مجال الدروع، كما أنه نائب مسئول مجموعته.
وفي يوم الثاني عشر من شهر يناير من العام 2009م وبينما كانت "حرب الفرقان" على أشدها، تم استهداف إحدى المجموعات القسامية المرابطة في منطقته من قبل طائرات الاحتلال، فهرع شهيدنا عبد الله لنجدة المصابين وكان يحمل شنطة الإسعافات الأولية، وبعد الانتهاء من عمله وفي طريق عودته تم إطلاق صاروخ آخر في المكان، فأصيب بجراح خطيرة، ومكث يومين في غرفة العناية المكثفة غير أنه ارتقى بعد ذلك شهيدا، واستشهد معه رفيقه المجاهد طارق أبو طبيخ قائد مجموعته، نحسبهم شهداء ولا نزكي على الله أحدا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق