إعدادي / يمنع النقل لاي منتدى
نسب ونشأة صلاح الدين
نسب صلاح الدين:
ينتمي صلاح الدين إلى عائلة كردية ، وتنتسب هذه العائلة إلى قبيلة كردية تعد من أشراف الأكراد نسباً وعشيرة، وهذه العشيرة تعرف بالروادية(1)، وينتسب الأيوبيون إلى أيوب بن شادي , والد صلاح الدين، نجم الدين أيوب، وعمه أسد الدين شركوه،عندما قدما إلى العراق وبلاد الشام , كانا على درجة عالية من الخبرة في الشئون السياسية والإدارية، غير أن بعض الأيوبيين حاول أن ينكر أصلهم الكردي والالتصاق بالدم العربي عامة، وبنسل بني أمية خاصة، ومهما كان أصل البيت الأيوبي، فإن ظهورهم على مسرح الأحداث في المشرق الإسلامي وضع منذ القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي، حين تولى شادي جدهم الأكبر بعض الوظائف الإدارية في قلعة تكريت، التي كانت إقطاعاً لبهروز الخادم أحد أمراء السلطان السلجوقي محمد بن ملكشاه، وكانت تكريت الواقعة على الضفة اليمنى لنهر دجلة شمالي سامراء, تتحكم في أغلب الطرق الرئيسة المارة بين العراق وبلاد الشام، وكان أغلب سكانها من الأكراد، وقد انتقل إليها شادي مع ابنيه نجم الدين أيوب، وأسد الدين شيركوه، وتدرج في المناصب الإدارية فيها حتى ولي وظيفة الشحنة، ولما توفي خلفه ابنه نجم الدين أيوب(2).
ومن العجب أن بعض المؤرخين يتلمحون في بحثهم لينسبوا أسرة صلاح الدين في سلسلة من الآباء تنتهي عند مضر الذي ينتمي إلى عدنان بأنهم من المهاجرين العرب من الجزيرة العربية , ونسبوهم إلى بني أمية (3)، وكأنهم يريدون من وراء هذا البحث الذي لا يتفق مع منهج البحث العلمي ولا مع الحقيقة المجردة، أن يلحقوا كل شخصية فذة ليست عربية بسلسلة من النسب العربي، وكأن الفضائل كلها، والمكارم جميعها مقصورة على العرب وخاصة بهم، وكأن المسلم غير العربي – في نظرهم القاصر – لا يمكن بحال أن يبني مجداً، أو يشيد حضارة، أو يخلد ذكراً، أو ينصر دينه بالسنان واللسان، ونحن لو استقرانا التاريخ، وبحثنا عن عظمائنا في بناء الحضارة الإسلامية، لوجدنا أن القوميات المتعددة التي دخلت في دين الإسلام ساهمت في
الحضارة الإسلامية؛ فهذا محمد الفاتح، ونور الدين، وعماد الدين من الترك، وذلك نظام الملك من الفرس، وهذه الأسرة الأيوبية من الكرد، وذاك يوسف بن تاشفين من البربر.
وقد أكرم الله العرب بنشر الرسالة الإسلامية، وقد أعز الله من أخلص لدينه، فنحن ضد التعصب الأعمى والعنصرية الممقوتة، فمبدأ الإسلام: (إنما المؤمنون إخوة)، ومنهجه ثابت لا يتحول: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)([1]).
وقد قام نجم الدين بخدمة السلطان السلجوقي محمد بن ملكشاه، فرأى منه أمانة وعقلاً وسداداً وشهامة، فولاة قلعة تكريت، فقام في ولايتها أحسن قيام، وضبطها أكرم ضبط وأجلى عن أرضها المفسدين وقطاع الطرق حتى عمرت أرضها، وحسن حالها.
وكان أسد الدين شيركوه كان من الأمراء المقدمين عند السلاجقة الذين أقطعوه إقطاعاً كبيراً في تكريت وما حولها، حتى إن إقطاعه كان تقدر قيمته بحوالي تسعمائة دينار سنوياً، وهو مبلغ كبير بمقياس ذلك العصر[2].
ولادة صلاح الدين:
ولد صلاح الدين الأيوبي عام (532هـ/ 1137م) في قلعة تكريت بلدة قديمة أقرب إلى بغداد منها إلى الموصل، وقد قامت في طرفها الأعلى قلعة حصينة راكبة على دجلة، بناها ملوك الفرس منذ القدم على حجر عظيم، وجعلوها مخازن للذخيرة، ومرصداً لمراقبة العدو، ثم افتتحها المسلمون في السنة السادسة عشرة من الهجرة أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه[3].
ومن عجائب القدر أن ولادة صلاح الدين كانت في اليوم الذي أمر فيه مجاهد الدين بهروز والي بغداد نجم الدين أيوب وأخاه شيركوه بمغادرة مدينة تكريت لقتل شيركوه – عم صلاح الدين – أحد قواد القلعة، وذلك من أجل امرأة آذاها القائد في شرفها، فانتقم شيركوه للشرف والمروءة حين استغاثت به فقتله، ولكن بهروز وقع في حيرة من نفسه، هل يبقيهما عنده أم يأمر بمغادرتهما؟ فإن أبقاهما يخشى عليهما من انتقام القواد أن يصيبهما الأذى، فلم يجد بداً سوى أن يأمرهما بالمغادرة، فجاء بهما مظهراً الخوف عليهما، وطلب إليهما أن يخرجا في ليلتهما من تكريت، فخرج الرجلان يقصدان الموصل، وقد حملا أسرتيهما، وفي رحل نجم الدين ابنه الطفل المولود صلاح.
ويذكر صاحب "وفيات الأعيان": أن أيوب قد تشاءم بمولوده الجديد صلاح الدين، وقد هم أيوب بقتل ولده عندما كان يصيح وهو طفل وهم خارجون من المدينة، ولكن أحد أتباعه حذره من هذا العمل قائلاً: يا مولاي، قد رأيت ما حدث عندك من الطيرة والتشاؤم بهذا الصبي، وأي شيء له من الذنب؟ وبم استحق ذلك منك وهو لا ينفع ولا يضر، ولا يغني شيئاً، وهذا الذي جرى عليك قضاء من الله سبحانه وقدر؟ ثم ما يديرك أهذا الطفل يكون ملكاً عظيماً الصيت، جليل المقدار، ولعل الله جاعل له شأناً، فاستبقه فهو طفل، ليس له ذنب ولا يعرف ما أنت فيه من الكدر والغم، ولقد أثرت هذه الكلمات في نفس أيوب، وسرعان ما رجع إلى الحق، وثاب إلى الرشد، واتبع طريق الإسلام الصحيح([4]).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق